دولة مؤسسات أم دولة أحزاب
• رافع عبد الجبار نوشي
الأزمة السياسية التي يمر بها العراق الآن بدأت تتصاعد دون وجود بارقة أمل بالوصول إلى حل يبشر بانتهاء الأزمة وإخراجها من عنق الزجاجة , الأزمة التي ادخلها الساسة أنفسهم في دهليز أراه سيؤدي إلى كارثة أمنية وكأن العراق جالس فوق فوهة بركان واحتقان الأجواء السياسية تزيد من غليانه , بل إن الوضع العراقي الآن ينذر بانهيار العملية السياسية برمتها والرجوع ليس فقط إلى المربع الأول بل إلى نقطة صعب الانطلاق منها من جديد لتأسيس عراق ديمقراطي ((موحد!!!؟)) – اعتقد حتى نقطة انطلاق 2003م ستكون نقطة متقدمة جدا لها- وهذا ليس تشاؤما بل قراءة واقعية فالمحاصصة التي زرعها بريمر والتي تكلمنا عليها ولا زلنا نتكلم عنها والعذر حينها عبور مرحلة تتطلب اعتمادها لزرع الثقة بين مكونات الشعب العراقي واخذ كل منهم استحقاقه باتت مبدأ يؤسس عليه كل مرفق من مرافق إدارة الدولة العراقية بل قننت دستوريا بالمادة (105) من الدستور وهي مادة التوازن , وصار العراق دولة أحزاب لا دولة مؤسسات التي لا توجد بوادر توحي ببداية التأسيس إليها , إذا لم أتجرأ وأقول صار العراق عراق مكونات (الشيعة والمناداة بأحقية حكم الأغلبية والسنة ومطالبتهم بحقهم التاريخي في حكم العراق – باستثناء فترة الإمام علي ع - والكرد وحلمهم الأبدي بجمهورية مهاباد) أما الليبراليون فصوتهم خجول لا يكاد يصل لآذانهم , عراق المكونات صار يترسخ يوما بعد يوم ويوعد بتأسيس دول داخل العراق استنادا على هذا المبدأ - التقسيم كلمة مرعبة أتحاشى قولها- وهذا ما يجب على الكتل السياسية الالتفات أليه ونسيان ذواتهم دون الذهاب بعيدا في غيهم وأيدلوجياتهم التي عجزت عن تأسيس نظام جديد وبناء دولة مؤسسات بعد أن قُدم لهم العراق على طبق من ذهب والتفكير جديا بإخراج العراق من هذه الأزمة والإيفاء بوعودهم اتجاه الشعب الذي انتخبهم وكانت البرامج الانتخابية والوعود التي قطعتها هذه الكتل على نفسها بإكمال تطبيق التجربة الديمقراطية (وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد) كما جاء في ديباجة الدستور الذي أراه بات يتيما رغم إن الكل ينادي به ويتحاجج دون إعطاءه حقه وتطبيقه , وتعثر المحادثات وآخرها تعليق العراقية لها بحجة تهرب التحالف الوطني من الالتزام بتعهداته وذلك بعدم تطبيق بنود مبادرة اربيل وبالذات المجلس الوطني لسياسيات الإستراتيجية الذي كان يحتاج إلى تشريع دستوري قبل إقراره وآلية واضحة لتطبيقه ولا ادري هل فات المفاوضين في اربيل ذلك أم أرادوا عبور أزمة عدم تشكيل الحكومة التي استمرت 6 أشهر بعد أول جلسة للبرلمان والخلاف حول من هي الكتلة الأكبر بعد أن عجز الدستور عن بيانه وحقيقة هذه سمة الدستور الرئيسية وهي عدم وضوح الكثير من بنوده وحاجتها إلى تفسير مما يؤدي إلى إطلاق الاجتهادات في تفسيره كل حسب هواه ومصالحه , اعتقد إنهم قد عقدوا المشكلة بدل حلها لان ما سبق تشكيل الحكومة لم تكن هناك التزامات ما بين الكتل السياسية أما اليوم فهناك التزامات على ضوء مبادرة اربيل . اليوم كافة القادة السياسيين بحاجة إلى وقفة وطنية جادة ومواجهة حقيقية للمشاكل العالقة التي تعيق العملية السياسية ونية صادقة بحلها وإنقاذ العراق لما قادم عليه ومتجه نحو أبواب مفتوحة لا يُعرف مؤداها . وبعد أن فشلت كافة الكتل السياسية ببناء نظام سياسي مستقر من خلال البرامج التي اعتمدتها طيلة فترة ما بعد السقوط علينا التفكير جديا بتأسيس دولة مؤسسات تعتمد مبدأ الوطنية والكفاءة والنزاهة بعيدا عن الفئوية والمحسوبية تنبني عليها كل سياسات العراق الداخلية والخارجية ووضع مصلحة العراق هدفا تسعى أليه كافة الكتل السياسية وأن نضع نصب أعيننا قول أمير المؤمنين ع : (والله لو ثنيت لي الوسادة لحكمت لأهل التوراة بتوراتهم وأهل الإنجيل بإنجيلهم وأهل القرآن بقرآنهم) وبهذا خلاص العراق ليصبح له دوره الإقليمي والدولي المتناسب مع قدراته وإمكانياته دون أن تتجاسر الدول عليه كما هو حال تركيا وإيران وسوريا في حرمان العراق من حقه الطبيعي في المياه والكويت ببنائها ميناء المبارك وقبلهم فعلت أمريكا باحتلال العراق .
