"ما مر عام و العراق ليس فيه جوع"
بدر شاكر السياب/أنشودة المطر
حدث في تعز
قررت النساء الثلاث خلال إجتماعهن فيالليلة السابقة لليلة العيد قرارا ليس بهين
أوجزته أم صابر المصرية بقولها الحازم:-
- لازم نعمل كحك العيد
انا متعودة على كده ما يصحش يمر العيدمن غير كحك..!!.
- آني عليه تمر الكليجه عندي كم ريالباقي من المصرف
ضحكت أم علي العراقية.
- وآنه أييب بعد الطحين
نبي نعيّد عيد الكويت
أعلنت أم عبد الله (البدون) بعد هنيهة.
عملت النسوة الثلاث بإعداد العجينبآنصراف تام
وصف الأقراص في القوالب المنقوشة و قداتسخت دشاديشهن الرثة
و مدينة تعز لم تزل تضج بالحياة
رغم حلول الفجر كما في كل رمضان.
كادت البهجة أن تطير بصابر و علي و عبدالله و هم يحملون الصواني على رؤوسهم متجهين صوب الفرن...
وكأنهم يحملون بحرص شديد أوطانهم التيلم يروها بعد.
صبي القمامة
وضع جانباً كيس علب المشروبات الغازيةالفارغة التي جمعها من أكوام المهملات المتناثرة في الحي و طفق يداعب بعينيه كرةملونة رائعة معلقة بشبكة حمراء أمام باب الدكان ويتأملها كنجمة بعيدة في سماءخياله الطفولي.
_ إبتعد يا ولد!!.
صاح الرجل البدين بغلاظة و هو يخرج منباب محله و يحملق غاضبا في منظر الطفل آلرث و ملابسه المتسخة.
حمل كيسه الممتليء بذراع نحيلة مجهدةو مضى و هو ينشد موالاً حزيناً من مواويل أهوار الجنوب بصوت شجي.
حصار
ألصق وجهه على الزجاج الخارجي.
موائد و كراسي و اناس يأكلون و يتحدثونبعجالة ثم ينهضون و يخرجون من الباب الأمامي دون أن يلتفتوا إليه.
البخار يتصاعد من صحون الطعام الشهي ويوحي بمدى سخونته ، ابتلع لعابه و تكاثفت أنفاسه على واجهة المطعم النظيفة كقطراتمطر صغيرة.
فرك عينيه طويلاً و مسح بأصابعه المتسخةغماماته البيضاء و قد امتدت لمساحات شاسعة على الفاصل الشفاف بينه و بين عالمالشبع و آستحال لونها إلى سواد مطلق كلون يديه اللتين لم يصادفهما الماء منذ فترةطويلة ....
تاه به فضاء يتوالد و يتجسم في بحر من العتمةاللامتناهية.
د.ماجدة غضبان المِشْـلَب