لا رجولة في زمن العنف
كتابة /عدي المختار
شخوص العمل :
1-الرجل .
2-المرأة.
الفصل الاول
المشهد الاول
المنظر: ( جدران زجاجية على جانبي المسرح وقطعة قماش بيضاء ممتدة من السماء حتى مقدمة المسرح ,ووسط المسرح كرسي فارغ متهرئ ,وامرأة قلقة تجول وسط المسرح طولا وعرضا والى جانب المسرح شخص جالس على مكتب وبجانبه رزم أوراق وكل ما يكتب ورقه يمزقها ويرميها وسط المسرح حتى يتكدس بجانبه الكثير من الورق على شكل كومة كبيرة ).
الرجل : (جالس أمام رزمة ورق يكتب ويمزق الورق ويخاطب نفسه بصوت عال خلال تمزيقه للورقة ) ... خطأ....خطأ.....خطأ...
المرأة : ( وهي تجول حائرة ) الصحيح أن تكون خطأ لتعرف الصواب .
الرجل : ( وهو يرمي مايكتبه على ارض المسرح ) .. خطأ....خطأ.....خطأ...
المرأة : الأخطاء ليست خطايا ونحن لسنا أنبياء .
الرجل: .. خطأ....خطأ.....خطأ...
المرأة : إن لم تعرف الخطأ فلن تميز الصواب أبدا.
الرجل : .. خطأ....خطأ.....خطأ...
المرأه : (بغضب ) .. خطأ....خطأ.....خطأ...هو أن لا تعرف الخطأ ...
الرجل: (ينهض وهو يحمل قطعة قماش حمراء ويلفها على يده كأنها سوط ) .. خطأ....خطأ.....ان يكون الصواب مقرونا بالخطأ فسواد أفعاله يغتال بياض حسناته .
المرأة : ( تلتقط طرف قطعة القماش الحمراء) الفعل أن أبقى انتظر قدومه والحسنة أن يعود .
الرجل: ( يلف القماش عليها كأنه يشنقها ) فعلك ينتظر من ؟؟
المرأة : ( تحاول الافلات من قطعة القماش بشكل دوران حتى تصل إلى جانب المسرح ) انتظر ه منذ أن مل الناس قدوم غودوا .
الرجل: ( يتبادل معها مكان الوقوف على طريقة الجري البطيء وهو يضحك بهستيرية ) لن يأتي................فعلك أقبح من عذرك ..
المرأة : ( تتحدث للجمهور وهي تتقدم عليهم ) هو إن عاد ...........فسيعيد لي كل شيء ..لا نريد منه سوى فعل وصوت في صنع القرار.
الرجل : ( يضحك وهو يتلمس قطعة القماش البيضاء ) ..لن يجيء ..انتظرته الملايين على هذا التل ...لكنه لم يعد .(يضحك بهستيرية ) .. لكنه لم يعد.
المرأة : ( وهي تجثو على ركبتيها وتجمع الأوراق من الأرض كأنها تتحسسها ) الملايين خذلهم الصبر .......الصبر.....( تقف وترمي الأوراق في سماء المسرح ) أما صبري فطويل .......( تركض حتى تصل لحزم الأوراق على المكتب وتلتقطها وتضعها على صدرها ) لا أريد منه سوى حقوقي ..
الرجل: (يضحك وهو يعتلي الكرسي ويمد راسه ويضع يده اليمنى على حاجبيه كأنه يسترق النظر ) الحقوق لا تأتي بالانتظار........ لا تأتي بالانتظار.....( ينزل من الكرسي ويحاول قنص المرأة فتركض منه ) الحقوق تنتزع ...........باالنار .....بالدخان ...بالبنادق.
المرأة: ( تحول الإفلات منه ) هذا قانون الدم .
الرجل: ( يجلس على الكرسي ويضع ساقه اليمنى على ساقه اليسرى في أشارة إلى سلطة الدين ) بل منطق العقل ..........والقوة.
المرأة: ( تتلمس قطعة القماش البيضاء) العقل ......لا يحكم بالقوة..بل يحكم بالمنطق ...بال..........
الرجل : (مقاطعا وهو جالس على الكرسي )والمنطق يقول ...........( ينهض من الكرسي ويحاول اقتناص المرأة) إنكن جواري..
المرأة: ( تحول الإفلات منه ) أنها عبودية... أنت مرتد ...
الرجل : ( وهو يتراجع الى الوراء قليلا ) لا ردة في أن يكون الرجل سيد المرأة ...و.....و....(يتدارك همجيته ويمسك بحزمة الورق على المكتب ) ....والمرأة جارية للرجل ...بل الردة ( يحمل قطعة القماش ويلفها على يده كأنها سوط) أن نكون كلانا في زمن واحد.
المرأة: ( تحاول التمايل في المسرح للإقناع ) الشمس خليلة القمر...........( بحزم له ) من يعجز منهم عن تبديد الظلمة ...يستريح ..
الرجل : ( وهو جالس متبخترا على كرسي المكتب ) القمر يجبر الشمس على الاحتراق كل يوم ...
المرأة: ( بصوت عال تنهره) كفى... فكر الدم... يستبيح كل شيء( تضع راسها في حجرها جانب المسرح)
الرجل : ( يضحك بهستيرية ويعتلي الكرسي وبصوت عال يصيح ) من يشك بسيادتي على الكون .. .....ها من يشك ؟؟؟؟؟ ....( ينزل ويقترب منها محاولا اغتصابها ) لي الحق أن استبيح كل شيء حتى الرغبة .
المرأة: ( تحول الإفلات منه ) استباحة كل شيء... يعني استباحة التاريخ ... وتعطيله...
الرجل : (يضحك بصوت عال ) التاريخ (يضحك وينثر الأوراق التي على مكتبه في فضاء المسرح ) نحن ....نحن معشر الرجال من نكتب التاريخ...
المرأة : ( تحاول بلهفة جمع ما يسقط منه من أوراق ) ماذا ستكتب ......ماذا ستكتب ....أيها السيد النبيل...( تنهض وهو كالمسبية المتعبة )تكتب عن سوطك الذي ما فارق ظهورنا ..( وتمثل حركة ضرب السوط ) أم بسجنك الذي اغتال كل أحلامنا ...(تحاول فتح مقدمه اعلى ثوبها وبثانيه تلتفت الى الوراء وتصمت ومن ثم تعاود الكلام ) أم بحبلك هذا (تشير لزاوية فيها مشنقة متخفية أسفل قطعة القماش البيضاء) الذي شنقت فيه العقول وما تبقى من الأحلام ...أم تكتب عن استباحتك لرغباتنا وهتكك حرمنا ...
الرجل : ( وهو يقف بصوت جهوري كأنه ناعي) هذا هو قدرنا ..........ان نكون نحن معشر الرجال ( يشير لصدره وللجمهور) من نسير كل شيء هنا .........حتى القضاء والقدر..
المرأة : ( تلوذ بقطعة القماش البيضاء) أرادة السماء أقوى من نزواتك ...وعلم بأن لا رجولة في زمن الخوف...وزمن العنف ..
الرجل: (يضحك) نزواتي ....... ( وهو يتجول كفاتح وقائد معركة طول وعرض المسرح ) من سنين ونحن نحكم العالم ....بالسوط والسيف والمقصلة ... (يقترب منها محاولا اغتصابها ) من سنين وانتن يا معشر النساء وسيلة لإرضاء رغباتنا ... وشهواتنا... ( تحول الإفلات منه ) وحينما تخذلنا الأقدار ... ترفضن أبنائكن لأنهم لا يدرون أموالا..
المرأة : ( تتلمس خشبة المسرح ) من سنين وهذه الخشبة لا تحيى ألا بنا نحن الاثنين ..
الرجل : (يضحك) هراء ...هذا جنون .. : (يضحك) انتن مجرد كومبارس..جنود شطرنج .
المرأة : ( بشجاعة ) لو لم نكن نصفيين ..لما توحدنا برغبة مجنونه لتخرج أنت للحياة .
الرجل : ( بصوت خافت) أحيانا يجبر المرء (يعلو صوته ) في قبول أرذل الحلول من اجل البقاء.
المرأة : (بصوت عال) بل قل من اجل أن تستمر الحياة ..
الرجل : ( يحاول الإمساك بها ) أن كان الفضل في بقاء الرجل انتن ..فسأحطم هذا القانون ( تحاول الإفلات منه ) وأمزق كل الحلول النبيلة منها والرذيلة..
المرأة : ( تقف بإذعان وطاعة )تريد أن توقف الحياة ؟؟؟
الرجل : ( بعنجهية وصوت عال ) لا بل ستستمر .......( يشير لنفسه وللجمهور) لكن بنا نحن معشر ألا رغبات وألا شهوات..
المرأة : ( بصوت حزين) وهل يقاوم القمر بلا شمس .
الرجل : ( بتأكد وصوت عال ) يستطيع المرء أن يحيا بلا كلام فالإشارات تكفيه .
المرأة: ( تحاول إرضاءه ) والحب ؟؟
الرجل : ( يضحك بهستيرية مغرورة) )الحب مقصلة الكبرياء والكرامة .
المرأة : ( وهي تحمل قطعة القماش الحمراء من ارض المسرح ) ستوقف التاريخ ...ولن يستمر من دوننا.
الرجل : ( بصوت عال ) أريده أن يستريح .
المرأة : ( بصوت خافت) ألا يكفي ما فعلت ؟؟
الرجل : ( وهو يتمايل وسط المسرح) لم افعل شيء بعد .
المرأة : ( تحاول إقناعه ) وحقوقنا التي اغتصبتها ؟؟ ( بصوت عال وهي تتحدث للجمهور) السنا نحن نصف الكون ؟؟؟..........فلما تريدون قتلنا على مقصلة التنكيل والفكر الجاهلي .
الرجل : (يخرج من بين كتبه دستور البلاد) خليلتي بالفراش ..( يضحك) بالفراش فقط .. بعيدة عن الحكم والدولة .
المرأة : ( وهي تقف يسار المسرح نصف دائري ) حقي هو أن أشاطرك الدين والسياسة ( تحاول الإمساك به ) مثلما أشاطرك الحب والرغبة .
الرجل : ( يحاول الإفلات منها ) فصل المرأة عن الدولة ..مطلب شرعي قبل أن يكون وضعي .
المرأة : ( بصوت خافت ) أنها رده .
الرجل : ( بصوت عال ) الردة أن نأمن كيدكن .
المرأة : ( بصوت عال ) تعاليم السماء لابد ان تفهم كلها لا أجزاء.
الرجل : ( بصوت خافت ) تعاليم السماء أكدت عن أن كيدكن كيد عظيم وان المال والبنون .........فقط لا غير ..........زينة الحياة.
المرأة : ( بصوت عال) والجنة تحت أقدام الأمهات .. ولا تقل لهم أف ولا تنهرهما ...
الرجل : ( بصوت عال ) السماء تريد والناس تريد وأنا أريد مالا يريدونه.
المرأة: ( بصوت خافت ) أتريد اغتيالنا ؟؟
الرجل : ( بصوت عال ) أريد أن ادخل التاريخ وحدي من دونك..
المرأة : ( بصوت خافت ) أتريد أن تدخله عنوه؟؟
الرجل : ( وهو يأخذ منها القماش الأحمر عنوة) لا بل بأعواد المشانق .
المرأة : ( يتجاذبان الصراع على طرفي قطعة القماش) أعوادك لمن ؟؟
الرجل : لمعشر النسوة .
المرأة : الوحدة ستقتلك ..
الرجل : بل ستجعلني ملكا على كل شيء .
المرأة : (قبولا لرغبات الرجل ) علمونا أن نطيعكم ..وان طاعتكم واجبة...ففعل ما تشاء ( تسحب القماش فتصل اليه وجها لوجه)
الرجل : ( وهو يجلس على احد جوانب المكتب) لا أريد منك سوى اعتلاء المقصلة لا نفذ فيك حكم الرجولة .
المرأة: (تعتلي منصة الإعدام ) ستعرف يوما بأنك من غيري لا تحيى أبدا... وقبولي بتنفيذ هذا الحكم هو تطبيقا لتعاليم السماء التي فهمت أجزاء منها دون الأخرى.
الرجل : (يضحك بهستيرية وغرور ويضع حبل المقصلة برقبة المرأة) بلغي السماء عني ............... بأني أنا من استباح حقوقك .......ومسحت كل قوانين العالم كي ادخل التاريخ بمفردي فاتحا .
المرأة : ( وهي تنتصب بشموخ) الفاتح يعني فتح صفحة ناصعة في التاريخ لا أن يستبح ويعلن عنوة نهاية التاريخ
الرجل : (بعصبية) التاريخ لن ينتهي سيستمر لكن بنا ..نحن الرجال.
المرأة : لن يستمر سيختتم صفحاته بعد ثواني من اغتيالك للشمس .
الرجل : (يجر الحبل لإعدامها) شمس تستفز القمر بيقظتها لا نريدها ..
(صمت وظلام)
المشهد الثاني
المنظر: ذات المنظر في المشهد الأول إلا انه يخلوا من المرأة , وتضاء أنوار المسرح مع أصوات موسيقية والرجل يظهر من خلف قطعة القماش الحمراء التي وضعت بدلا عن قطعة القماش البيضاء في المشهد الأول , يرقص على أنغام الموسيقى فرحا في المسرح فيتصارع كلمة دخل حدود منطقة يسار المسرح مع شيء خفي وبحركات إيمائية تشده وتضع يديه على طريقة الرقص الغربي ويحاول جذب نفسه منها ويعود ليمين المسرح ويعاود الكرة متناسين بين لحظة وأخرى جذب المنطقة اليسرى فيدخل حدودها فيتكرر المشهد مرة أخرى , ومن ثم تهب أصوات ريح مخيفة تولد لديه شعور بوحدة قاتله وهو يلتفت لأربعة جدران من الزجاج وكلما يقف خلفها يرى المرأة خلفها فيكابر ولا يستطيع )
صوت المرأة : لن تدخل التاريخ ..
الرجل : (بهستيرية) سأدخله عنوه...... سأدخله عنوه ...(صمت وريح مخيفة وصدى بعيد لصوت المرأة وهي تردد ....لن تدخل التاريخ.....ومن ثم صمت رهيب ) يا الهي ما هذا الصمت الرهيب ... أي وحدة قاتلة هذه (يمسك شفتيه) سأنسى الكلام..( يبحث في المسرح ) ما من احد يكلمني ..(يذهب لمؤخرة المسرح) ما بال شعبي .. ..اقصد رجالي ..لم هم هائمون ..حزينين ..يلوذون في الفلوات بحثا ...........بحثا....(يهز راسه رفضا للفكرة) .. لا...لا ..( بصوت جهوري مكابر) ....لا ...هم رجال وسيتغلبون على رغباتهم...( بصوت خافت غير مقتنع ) حتما سيتغلبون على رغباتهم ......(ينظر خلف الزجاج لرجالة فيدهش لأنهم استبدلوا المرأة بالرجل ويعبر عن هذا بتعجبه وصرخاته ) هذا غير منطقي... الرغبة منبع المعاصي...(يعود لوسط المسرح ليكلم الجمهور بمكابرة ) الوحدة لم تؤثر علي ...الوحدة.....(يستدرك هول المصيبة والذنب وهو لا يسمع غير صدى صوته ) يا ألهي ........ يا ألهي ........لا اسمع سوى صدى صوتي ....( يذهب صوب المكتب وحزم الورق فيقلب المكتب ) حتى التاريخ ما عاد يكتب شيء ......( بصوت قائد عسكري مقهور) فلا بطولات ..أو حياة توثق..( يختنق فيحاول ان يتنفس) أو....أو... فسحة من الأمل لمواصلة الحياة ....(يستدرك اكثر) أنا السبب .....انا السبب ....نعم أنا السبب ..كنا اثنين ..نصفيين ... أعدمت نصفي فأمسيت وحدي ...(يتجول كالفاقد احبته في فضاء المسرح باحثا) الصمت .......السكون اللذان يعمان المكان يشعراني بالكراهية من كل شيء.. .....(بصوت حزين) مع من سأتشاجر .....ومع من سأتسامر .. .......(باستدراك اكثر) آه .........وجدتها .....سأرسل لأحد الحراس كي يسامرني ..(يتوجه صوب الباب وسرعا ما يعود أدراجه مجددا) .. لا ...لا......فصوته رجولي ... وجلسته خشنة............( يدور وسط المسرح وهو يضرب بسبابة يده اليمنى على جبهته ويضع يده اليسرى على ظهره )) الحل ؟......الحل؟؟.....ماهو الحل؟؟؟ ....(يكلم الجمهور بجدية أكثر ) طال الانتظار... لقد خدعونا ......نعم خدعونا .....قالوا أن عطيل كان محقا بقتله لدزدمونه ... (يسأل الجمهور من غير اقتناع به) هل كان حقا محقا ؟؟....لا .... لم يكن محقا ....وأنا أيضا..لم أكن محقا بقوانين رجولتي الدموية .. ( يستدرك غرور جديد) لكن ......... حتما سأدخل التاريخ عنوة......( يبحث ويفكر بصمت ) ها .....وجدتها .... سأرحل خلفها ..كيف اتركها تتلذذ بنعم السماء... من غير ان اضايقها ...... (يعتلي نفس المقصلة وهو يردد ) سأمضى ورائها لان لا وجود للوجود من دوننا (فيعدم نفسه ويتساقط زجاج الجداران وسط المسرح ) .
انتهت