النجف الاشرف/احمد محمود شنان
الشعر ميدان الصدريين الجديد لمقاومة المحتل الامريكي
تحت شعار كلنا لعراق المقاومة نظم مكتب السيد الشهيد الصدر في النجف الاشرف مهرجاناً شعرياً شارك فيه العديد من شعراء القصيدة العمودية والحر والشعبي ومن بينهم شعراء عرب.
إمام جمعة مدينة الصدر السيد حارث العذاري بين سبب لجوء الصدريين إلى الأسلوب الأدبي وخصوصاً الشعر لما للأدب بصورة عامة والشعر بصورة خاصة من مكانة متميزة في تاريخ الأمم والشعوب فهناك وحسب قوله قناعة بشرية تدرك حجم القيمة العلمية والمعرفية التي يقدمها الأدب من مساهمة في بناء حضارات الشعوب وكشف ملامحها الفكرية والثقافية والإبداعية مما يجعلها في مصاف الدول المتحضرة والمتقدمة ومن هنا كانت الدراسة والاطلاع الأدبي عنصراً أساسياً من عناصر تكوين ثقافة الفرد وفي تاريخنا العربي والإسلامي نجد الأدب بصورة عامة والشعر بصورة خاصة كان ولا يزال من ابرز ملامح صورة التأريخ عبر الأجيال.
ويضيف العذاري فالأدب الإسلامي تميز بسمات خاصة فاق بها غيره فهو أدب ملتزم له هدف ينشده ويختزل النفس عبر نظرة متكاملة وصريحة للإنسان فلا ينكفئ عن الجانب المادي بمعزل عن الروح منطلقاً من بناء فكري مرتبط بصورة مباشرة وغير مباشرة بمصادر التشريع وأهمهما القران الكريم والسنة الشريفة .
ومن هنا كان الشعر كمفردة أدبية قوة فاعلة من قوى الإسلام إذا كان مرتبطاً بالعقيدة ومن خلالها يعطي ويأخذ وينمو ويتطور ويمضي إلى تحقيق أهداف تلك العقيدة.
فالأدب الإسلامي حقيقة لا يعتبر كما أكده العذاري مدرسة أدبية مشهورة بل تعبير عن التطور الإسلامي الكوني بحسب وصفه.
هذا وقد عرج العذاري على نماذج تاريخية وقد وظف فيها قادة الإسلام الشعر لنصرة العقيدة حتى صار ميدان مقاومة الباطل في ساحة الشعر ميداناً قوياً نمى وبرز فيه العشرات من الشعراء فلا يمكننا أن ننسى حسان بن ثابت في شعره المقاوم لكفار قريش ولا يمكن لنا أن ننسى دعبل الخزاعي في شعره المقاوم لطواغيت العصر وخصوصاً قصيدته التائية المشهورة .
العذاري أكد استمرار الشعر المقاوم عبر تاريخ المعصومين حيث تبارى شعراء العقيدة وهم يمثلون خط المقاومة والمعارضة ضد الباطل والانحراف،حتى استمر جيلاً بعد جيل وقد وقف شعراء الأمة موقفاً بطولياً ضد قوى الظلم والعدوان يطرزون في قصائدهم ملاحماً تصطف إلى جانب ملاحم المقاتلين في سوح القتال.
ومن هذا المنطلق يقف الخط الصدري بقائده وجماهيره في ساحات الصراع مع الاحتلال الأمريكي البغيض فمرة يخوض أبناء محمد الصدر ميدان المقاومة العسكرية ومرة يتوافدون على ميدان المقاومة الشعبية والثقافية مروراً بموقفهم الذي يجسدوه اليوم في مهرجانهم الشعري المقاوم للاحتلال.
فهو يعتبر وبحسب العذاري محطة من محطات المقاومة الإسلامية في العراق التي يقودها سماحة السيد مقتدى الصدر ضد الاحتلال الأمريكي حينما تؤدي القصيدة دورها الذي يصطف مع دور البندقية أو التظاهرة أو الرفض تحت قبة البرلمان .
العذاري ينقل رؤية أبناء التيار الصدري في مواجهة الاحتلال بشتى الوسائل وشتى الصور فالشاب المقاتل مقاوم والمفكر المثقف مقاوم والسياسي النزيه مقاوم وكذلك الشاعر الوطني مقاوم كلاً يعبر بطريقته عن رفضه للاحتلال والوقوف بوجهه.
رئيس الهيئة الثقافية العليا لمكتب السيد الشهيد الاستاذ والأديب حميد المختار بارك المهرجان الذي تزامن مع ذكرى ولادة الإمام المنتظر (عليه السلام) والذي تزامن مع ولادة إبداع عربي وعراقي حر تمثل في شعر المقاومة الذي أفرزته المسابقة الأدبية التي تبناها سماحة السيد مقتدى الصدر فكانت وحسب تعبيره مخاضاً حقيقياً أعطانا مصطلحاً إبداعياً أمسى واقعاً ملموساً في خضم الجهود الإبداعية والمهنية من أبناء التيار الصدري من مثقفين وسياسيين وأدباء.
المختار وصف المهرجان بالعلامة الفارقة في المشهد الثقافي العراقي والتي أربكت سكونية المشهد الأدبي وتركت هزة عنيفة في ضمير المثقف العراقي الذي بقيّ متوجساً خائفاً متردداً إزاء هذه المصطلحات التي هزت كيانه وأسقطته من برجه العاجي.
وعن جذور هذا الأدب قال المختار انه صرح أدبي قديم ابتدأ في شعر المقاومة الفلسطيني وسينمو ويزدهر في أدب المقاومة العراقي،هذا الأدب الذي حاولت قوى الإرهاب وحواضنها الإعلامية والسياسية من خلال فبركة نموذج هش طارئ ولقيط حسب قوله في إشارة إلى المجاميع المسلحة التي لطخت أيديها بدماء العراقيين الأبرياء وتابع المختار موضحاً إذ أرادت أن تدسه أي النموذج المفبرك في ثنايا المشهد الأدبي وتشرعنه من خلال أذنابها ومريديها لكنها فشلت فشلاً ذريعاً أمام وعي وحصافة المثقف العراقي الذي أسس مصطلحاته بقدرة فائقة.
وأردف المختار إن ولادة الشعر المقاوم الذي تمخض من خلال الثقافة المقاومة وهو الأسلوب الذي تبناه التيار الصدري بكل ثقة واقتدار وجعل منه مساوقاً للمواجهة المسلحة مع المحتل الأمريكي،معتبراً الكلمة المقاتلة قادرة على أن تكون أكثر قوة من الرصاصة في أحايين كثيرة .
وختم المختار بالقول ولان الشعراء هم فرسان الكلمة فها نحن اليوم نفسح الميدان أمامهم ليلقوا قصائدهم التي جاءت من وهج الحب وحب الأرض التي أنجبت هذه الإبداعات من رحمها الطهور.
الفائز الأول في مسابقة الشعر الفصيح الشاعر العربي بوزيد حرز الله قدم تحياته إلى مدينة النجف الاشرف التي اعتبرها تشابهه مدينته في جنوب الجزائر فهي وبحسب قوله مدينة تشرفت أن تطلق أول رصاصة للتحرير في الثورة التحريرية الجزائرية عام 1962 في جبال الاوراس .
الشاعر بوزيد شارك بقصيدة حملت عنوان (تغريدة لعرس الجنوب) والتي تناول فيها حجم التضحية التي قدمها أبناء الشعب العربي الجزائري حتى عرف ببلد المليون ونصف المليون شهيد في ثورته التحررية ضد الغزو الفرنسي آنذاك..
المستشار الثقافي للتيار الصدري الشاعر والأديب راسم المرواني تحدث عن فعاليات المهرجان الذي هو خلاصة مسابقة شعرية دعا لها سماحة السيد مقتدى الصدر والتي كانت تحت عنوان كلنا لعراق المقاومة منذ ثلاثة أشهر وكان الهدف منها أن يعمل الشعراء لتأسيس وتأطير المشهد الثقافي والمقاوماتي بأعمالهم الشعرية الرائعة.
المرواني كشف عن عدد القصائد المشاركة والتي تجاوزت العشرات من شعراء عراقيين وعرب وقد تمخضت عن فوز عشرة من القصائد الفصحى من بينها للشاعر العربي بوزيد حرز الله بالإضافة إلى دخول الشاعر المصري رأفت السنوسي والشاعر السوري شادي الحلاق في المسابقة.
ويضيف المرواني أن الشق الثاني من المسابقة كان في ميدان الشعر الشعبي والذي فاز فيها عشرة شعراء عراقيين ومن بينهم ابن الموصل الحدباء الشاعر الجبوري.
وكان الهدف الذي يبتغيه المهرجان بحسب المرواني أن نبعث رسالة إلى أرجاء المعمورة والى كل الضمائر الحية في العالم التي تناجز الاحتلال بأن التيار الصدري هو جزء من المقاومة العراقية إن لم يكن قطب الرحى في هذه المقاومة كما تتضمن الرسالة أن نقول للمحتلين بأننا نملك كل الوسائل المتاحة للمقاومة بدءاً من حمل السلاح وانتهاءاً بالكلمة والتي تعني هنا الشعر.
الشاعر العراقي باسم الحسناوي احد الفائزين بالقصيدة الفصحى لم يغب عن باله ما نتج من مساوئ الاحتلال من فساد إداري ومالي وتهاون من جهة الحكومة في القضاء عليه فأهدى قصيدته إلى كل متظاهر في ساحة التحرير وكل محافظات العراق الذين خرجوا ضد فساد الحكومة وضد الاستهتار بالمال العام وهذا هو الاستهتار بحسب تعبيره في مؤسسات الدولة وتهاون الحكومة في اتخاذ القرارات الصارمة في معالجة الأوضاع في العراق.
الشاعر العربي السوري شادي الحلاق عبرّ عن دهشته من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي استقبل بها العراقيون ضيوفهم من الدول العربية مبدياً سعادته انه بين إخوته وأشقائه في بلده الثاني العراق.
الحلاق تذمر من موقف الشعوب العربية تجاه المقاومة في العراق حيث ينظر لها البعض على أنها إرهاب منظم يهدف إلى قتل الإنسان العراقي وهذه حقيقة ولكن الذي يقف وراء الإرهاب إنما هو المحتل الأمريكي الذي ابتدع عدة وسائل لتشويه صورة المقاومة في نظر العرب بل وحتى العراقيين ولكن بفضل فطنة وحصافة العراقيين تبين لهم الخلط الواضح بين المقاومة والإرهاب الأعمى الذي جاء على الأخضر واليابس وضرب البلاد من شمالها إلى جنوبها وعرضها وطولها.
نائب رئيس الهيئة الثقافية لمكتب السيد الشهيد الشيخ صادق الحسناوي اعتبر شعر المقاومة إسلامي شيعي (رغم انه لم يحبذ استخدام المصطلحات الطائفية بحسب قوله)وعموم الشعر فراتي كوفي فليس جديداً على النجف أن تحتضن هذا المهرجان الشعري.
الحسناوي أكد أن المشاركة قد تجاوزت الحدود وهذا دليل على أن الحياة لا تزال تسري في الجسد العربي والإسلامي وان العراق الذي تغنى في الستينيات من القرن الماضي بجميلة بوحيرد واحمد بن بيلا وغيره من رفاقه في تحرير الشعب الجزائري يجد أنهم اليوم ردوا الجميل بمشاركة الشاعر الجزائري بوزيد وأخر من مصر وغيره من سوريا.
الشاعر الشعبي المعروف عباس عبد الحسن الذي أبدع هو زملاء له من شعراء العاصمة بغداد لوناً من الشعر الذي يزاوج بين قضية الإمام الحسين عليه السلام ومأساة العراقي في ظل الدكتاتورية والاحتلال اعتبر نجاح ثورة العشرين في العراق والتي أنهت الاحتلال البريطاني في العراق كان بفضل أهزوجة معروفة قالتها أم لابنها فرد عليها ابنها بأهزوجة حتى صارت شعاراً للثورة .
عبد الحسن علل ميل المقاتلين من جيش الإمام المهدي (الجناح العسكري للتيار الصدري) نحو الشعر الشعبي بدل الفصيح في المعارك التي خاضوها ضد القوات الأمريكية سواء في كربلاء والنجف وبغداد وبعض المحافظات التي تتمتع بثقل صدري كبير علل ذلك بوقوع الظلم أكثر على الفقراء وهم مصدر الثورات في كل العالم بحسب تعبيره والذين أي الفقراء يميلون نحو الشعر الشعبي لقربه من نفوسهم واستخدامهم إليه بلغتهم الدارجة.
ختام المهرجان الذي حضره عدد كبير من الشعراء والأدباء والمسؤولين والذي استمر يومان وعلى قاعة جامعة الكوفة في النجف الاشرف كان كلمة لوزير الدولة الاستاذ ضياء الاسدي دعا فيها إلى الاستعداد لمهرجان شعري ثان قد تجاوز فيه العراقيون محنة الاحتلال البغيض.