أيام عصيبة مضت والسيد محمد نجيب ميقاتي يحاول جاهدا تشكيل حكومة وطنية لبنانية تضم التنوع والأطياف اللبنانية جميعا ،وتأخذ على عاتقها إكمال مرحلة مابعد حكومة (الحريري) التي عاثت فسادا وخرابا في لبنان الجريح ، السيد ميقاتي وجد أن من الصعوبة تشكيل هكذا حكومة بسب إصرار كتلة (المستقبل )على مواقفها التي عرفها القاصي والداني، مواقف لم تكن بمستوى التضحيات الجسام التي دفعها هذا الشعب النبيل، بل كانت مواقف اتسمت بالإرباك ، ووضع لبنان تحت طائلة الاملاءات الدولية ، ناهيك عن قيامها بأسس مشروع خطير يهدف إلى تضييق الخناق على المقاومة اللبنانية ورموزها الوطنيين .ويعتقد كثير من المراقبين أن السيد ميقاتي الذي شكل حكومته في وقت حرج جدا وبإرهاصات صعبة تقف أمام تحديات جسام يقف في مقدمتها عاملان أساسيان الأول: أقناع العالم الغربي والعربي بأن مسار هذه الحكومة لايمثل وجهة نظر لطائفة أو جهة معينة أطلاقا، بل إنها تمثل رموزا لبنانية أصيلة قررت الاحتكام إلى بنود الدستور ومواده فجاءت وفق الأطر الشرعية والقانونية ولاغبار عليها بعد أن تسالم الجميع على الرجوع إلى فقرات الدستور. والثاني: إقناعها للجمهور اللبناني بأنها حكومة منبثقة من رحم اللبنانيين الاصلاء الذين حملوا آهات لبنان وعاشوا فصول ماساته ومحنته الصعبة القاسية . وهذا الإقناع لن يتم إلا بانطباع واضح عن منهج الحكومة وسيرها اتجاها وطنيا يخدم اللبنانيون جميعا ويسعى لإعادة اللحمة اللبنانية التي حاولت قوى الشر والظلام من تفكيك نسيجها المترابط عبر بث الشائعات والنعرات الطائفية المقيتة . .وأمام هذه التحديات برزت مواقف علنية واضحة وصريحة من جانب كتلة ا(المستقبل) التي تتحرك وفق البوصلة الأمريكية السعودية بعدم اعترافها بحكومة السيد ميقاتي أطلاقا! مع محاولة تحريك الشارع اللبناني والقيام بإحداث شغب تكون غاياتها واضحة ألا وهي توجيه ضربة استباقية موجعة للحكومة الفتية !! وهذا ماحدث بالفعل على الأرض وولد استيياءا واضحا لإطراف كانت يوما حليفا وداعما للكتلة الحريري ! وان هذه الممارسات الصبيانية تدل بوضوح على أن مشهد الارتباك الواضح والضبابية وسياسة الازدواج هو السائد في هذه الكتلة وأنها أصبحت عاملا أساسيا في جعل لبنان يعيش سياسة الأزمات وخلط الأوراق لغايات مشبوهة ، لكن السيد ميقاتي عالج هذه الأزمة بحنكة واعية تدل على انه من القادة الواعيين جدا الذين يعرفون ماذا يصنعون عندما تثار الأزمات؟ واستطاع بفرض سيطرته ومناورته السريعة من إيجاد ملامح حكومة قوية يتطلع أليها اللبنانيون جميعا لأنها تمثل عامل استقرار لبلد تحاك عليه المؤامرات من كل جانب ! بالرغم من سيناريوهات خفافيش الظلام التي تقودها السفارتان الأمريكية و السعودية اللتان عرفهما اللبنانيون بأنهما تقفان موقفا سلبيا ضد تطلعاتهم المنشودة في رسم ملامح حكومة قوية قادرة على اتخاذ القرارات ولاتقع تحت طائلة التأثير أطلاقا . أذا لبنان سيشهد تحولا واضحا ورسالة قادمة باتجاه كل من وقف ووضع العراقيل أمام هذه الحكومة مفادها: إن حكومة ميقاتي ستنجح أكيدا وسيكون اللبنانيون وراءها وهذا ماستشهده الأيام القادمة وستعطي رسالة واضحة للعالم أن أبناء المقاومة هم الذين يصنعون أسس دولتهم مثلما صنعوا المجد ببطولاتهم .